Aristotle
ارسطوطاليس
ثاني اكبر فلاسفة الغرب بعد افلاطون . مؤسس علم المنطق ، وصاحب الفضل الأول
في دراستنا اليوم للعلوم الطبيعية ، والفيزياء الحديثة . افكاره حول (
الميتافيزيقيا ) لازالت هي محور النقاش الأول بين النقاشات الفلسفية في مختلف
العصور ، وهو مبتدع علم الاخلاق الذي لازال من المواضيع التي لم يكف البشر عن
مناقشتها مهما تقدمت العصور . ويمتد تأثير ارسطو لأكثر من النظريات الفلسفية ، فهو
مؤسس علم البيولوجيا ( الأحياء ) بشهادة داروين نفسه ، وهو المرجع الاكبر في هذا
المجال . وشعره يعتبر أول انواع النقد الدرامي في التاريخ ، وتأثيره واضح على جميع
الاعمال الشعرية الكلاسيكية في الثقافة الغربية وربما غيرها ايضا . ويرجع سبب هذا
التأثير الى أن اعمال ارسطو كانت شاملة ، وتحيط بجميع الجوانب الحياتية ، وتروق
لجميع انواع البشر والثقافات . َ
ولد
ارسطو عام 384 قبل الميلاد في مدينة ( ستاغيرا ) في شمال اليونان ، وكان والده
طبيبا مقربا من البلاط المقدوني ، وقد حافظ ارسطو وتلاميذه من بعده على هذا
التقارب . وقد كان لوالده ثأير كبير عليه لدخوله مجال التشريح ودراسة الكائنات
الحية التي منحته القدرة على دقة الملاحظة والتحليل . وفي عام 367 رحل ارسطو الى
اثينا للالتحاق بمعهد افلاطون ، كطالب في البداية ، وكمدرس فيما بعد . وكان
افلاطون قد جمع حوله مجموعة من الرجال المتفوقين في مختلف المجالات العلمية من طب
وبيولوجيا ورياضيات وفلك . ولم يكن يجمع بينهم رابط عقائدي سوى رغبتهم في إثرا
وتنظيم المعارف الانسانية ، وإقامتها على قواعد نظرية راسخة ، ثم نشرها في مختلف
الاتجاهات ، وكان هذا هو التوجه المعلن لتعاليم وأعمال ارسطو . َ
وكان
من برامج معهد افلاطون ايضا تدريب الشباب للقيام بالمهن السياسية ، وتقديم النصائح
والمشورة للحكام ، ولذا فقد انضم ارسطو عام 347 الى بلاط الملك هرمياس ، ومن ثم ،
وفي عام 343 دخل في خدمة الملك فيليب الثاني امبراطور مقدونيا حيث اصبح مؤدبا
لابنه الاسكندر الكبير . وبعد سبع سنوات عاد مرة اخرى الى اثينا ليؤسس مدرسته الخاصة
( الليسيوم ) أو ( المشائية ) وسميت كذلك نسبة للممرات أو اماكن المشاة المسقوفة
التي كان الطلاب وأساتذتهم يتحاورون فيها وهم يمشون ، كما تسمى اليوم جماعات الضغط
السياسية في الكونغرس الامريكي بـ ( االوبي ) نسبة الى لوبي أو ردهة مبنى الكونغرس
في واشنطن . وقد خالفت ( المشائية ) تقاليد ( اكاديمية ) افلاطون بتوسيع المجالات
العلمية التي كانت تناقشها واعطت أهمية كبرى لتدريس الطبيعيات . وبعد وفاة
الاسكندر الكبير ، بدأ الشعور بالكراهية يظهر ضد المقدونيين في أثينا ، وقد أثر
ذلك على نفسية ارسطو ، وقد كان من الموالين للمقدونيين ، مما جعله يتقاعد ، ولم
يمهله القدر طويلا حيث توفي بعد اقل من عام من وفاة الاسكندر ، فكانت وفاته في عام
322 قبل الميلاد . َ
وعلى
الرغم من غزارة انتاج ارسطو الفكري المتمثل في محاضراته وحواراته الكثيرة ، إلا
انه لم يبق منها الا النذر اليسير ، فقد ضاع معظمها ، ولم يبق سوى بعض الاعمال
التي كانت تدرس في مدرسته ، والتي تم جمعها تحت اسم ( المجموعة الارسطوطالية )
بالاضافة الى نسخة ممزقة من ( الدستور الاثيني ) الذي وضعه ، وعدد من الرسائل
والاشعار ومن ضمنها مرثية في افلاطون . َ
وقد
قسمت ( المجموعة الارسطوطالية ) الى خمسة أجزاء وهي : َ
1
- المنطق . ّ
2
- الطبيعة . َ
3
- ما وراء الطبيعة ( الميتافيزيقيا ) . َ
4
- الاخلاق . َ
5
- الخطابة والشعر . َ
وبعد
موت ارسطو ، استمر التقليد الفلسفي الارسطوطالي سائدا خلال الحقبة الهلنسية (
الاغريقية ) من خلال المدرسة المشائية التي أسسها ، وقد ساعد ظهور النزعات
الانتقائية والكلاسيكية المحدثة خلال القرن الأول قبل الميلاد على تنصيب ارسطو
كمرجعية فلسفية وحيدة لجميع الفلاسفة وخصوصا في المنطق والعلوم الطبيعية . أما في
الفترة من القرن الثالث وما تلاه ، فقد كانت الفلسفية الاقلوطينية هي السائدة
حينذاك ، وذلك لأنها ناسبت الحياة الدينية المسيحية التي انتشرت في ذلك العهد .
وقد تبنى رجال الدين المسيحيين في عصر الدولة الرومانية والبيزنطية والاسلامية
التوجه الافلاطوني ، ونبذوا الفلسفة الارسطوطالية باعتبارها نوعا من الهرطقة . ومع
ذلك فإن الفلسفة النصرانية ( الاسكولاستية ) في القرون الوسطى في اوربا قد ظهرت
وتطورت بفضل استيعاب الفلسفة الارسطوطالية بالرغم من محاربة رجال الدين ، وقد أدى
هذا التقارب المشبوه بين النصرانية والارسطوطالية الى فقدان الارسطوطالية لسمعتها
الطيبة ، إلى أن أعيدت لها تلك السمعة مع بداية القرن التاسع عشر بفضل ظهور
الفيلسوف الالماني هيغل الذي اعاد للفلسفة الارسطوطالية اعتبارها وجعل منها الأساس
الذي قامت عليه الفلسفة الحديثة . َ
0 التعليقات:
إرسال تعليق